حنين الشوقَََ
الجنس : عدد المساهمات : 689 تاريخ التسجيل : 24/03/2010 العمر : 30 الموقع : https://nonyaa.rigala.net
| موضوع: في ظلال قوله تعالى(التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون)لسيد قطب(47) الخميس أبريل 29, 2010 5:40 am | |
|
[center] في ظلال قوله تعالى(التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون)لسيد قطب(47) [size=25]التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) إن الجهاد في سبيل اللّه بيعة معقودة بعنق كل مؤمن . كل مؤمن على الإطلاق . منذ كانت الرسل , ومنذ كان دين اللّه . . ولكن الجهاد في سبيل اللّه ليس مجرد اندفاعة إلى القتال ; إنما هو قمة تقوم على قاعدة من الإيمان المتمثل في مشاعر وشعائر وأخلاق وأعمال . والمؤمنون الذين عقد اللّه معهم البيعة , [size=25]والذين تتمثل فيهم حقيقة الإيمان هم قوم تتمثل فيهم صفات إيمانية أصيلة: (التائبون . العابدون . الحامدون . السائحون . الراكعون الساجدون . الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر . والحافظون لحدود الله). . (التائبون). . مما أسلفوا , العائدون إلى اللّه مستغفرين . والتوبة شعور بالندم على ما مضى , وتوجه إلى اللّه فيما بقي , وكف عن الذنب , وعمل صالح يحقق التوبة بالفعل كما يحققها بالترك . فهي طهارة وزكاة وتوجه وصلاح .
(العابدون). . المتوجهون إلى اللّه وحده بالعبادة وبالعبودية , إقراراًبالربوبية . . صفة هذه ثابتة في نفوسهم تترجمها الشعائر , كما يترجمها التوجه إلى الله وحده بكل عمل وبكل قول وبكل طاعة وبكل اتباع . فهي إقرار بالألوهية والربوبية للّه في صورة عملية واقعية . (الحامدون). . الذين تنطوي قلوبهم على الاعتراف للمنعم بالنعمة ; وتلهج ألسنتهم بحمد اللّه في السراء والضراء . في السراء للشكر على ظاهر النعمة , وفي الضراء للشعور بما في الابتلاء من الرحمة . وليس الحمد هو الحمد في السراء وحدها , ولكنه الحمد في الضراء حين يدرك القلب المؤمن أن اللّه الرحيم العادل ما كان ليبتلي المؤمن إلا لخير يعلمه , مهما خفي على العباد إدراكه . (السائحون). . وتختلف الروايات فيهم . فمنها ما يقول:إنهم المهاجرون . ومنها ما يقول:إنهم المجاهدون . ومنها ما يقول:إنهم المتنقلون في طلب العلم . ومنهم من يقول:إنهم الصائمون . . ونحن نميل إلى اعتبارهم المتفكرين في خلق اللّه وسننه , ممن قيل في أمثالهم في موضع آخر: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك ! . . .). . فهذه الصفة أليق هنا بالجو بعد التوبة والعبادة والحمد . فمع التوبة والعبادة والحمد يكون التدبر في ملكوت اللّه على هذا النحو الذي ينتهي بالإنابة إلى اللّه , وإدراك حكمته في خلقه , وإدراك الحق الذي يقوم عليه الخلق . لا للاكتفاء بهذا الإدراك وإنفاق العمر في مجرد التأمل والاعتبار . ولكن لبناء الحياة وعمرانها بعد ذلك على أساس هذا الإدراك . . (الراكعون الساجدون). . الذين يقيمون الصلاة ويقومون بالصلاة كأنها صفة ثابتة من صفاتهم ; وكأن الركوع والسجود طابع مميز بين الناس لهم . (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر). . وحين يقوم المجتمع المسلم الذي تحكمه شريعة اللّه , فيدين للّه وحده ولا يدين لسواه , يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخل هذا المجتمع ; ويتناول ما يقع فيه من أخطاء وانحرافات عن منهج اللّه وشرعه . . ولكن حين لا يكون في الأرض مجتمع مسلم ; وذلك حين لا يكون في الأرض مجتمع الحاكمية فيه للّه وحده , وشريعة اللّه وحدها هي الحاكمة فيه , فإن الأمر بالمعروف يجب أن يتجه أولاً إلى الأمر بالمعروف الأكبر , وهو تقرير ألوهية اللّه وحده سبحانه وتحقيق قيام المجتمع المسلم . والنهي عن المنكر يجب أن يتجه أولاً إلى النهي عن المنكرالأكبر . وهو حكم الطاغوت وتعبيد الناس لغير اللّه عن طريق حكمهم بغير شريعة اللّه . . والذين آمنوا بمحمد - [ صلى الله عليه وسلم ] - هاجروا وجاهدوا ابتداء لإقامة الدولة المسلمة الحاكمة بشريعة اللّه , وإقامة المجتمع المسلم المحكوم بهذه الشريعة . فلما تم لهم ذلك كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في الفروع المتعلقة بالطاعات والمعاصي . ولم ينفقوا قط جهدهم , قبل قيام الدولة المسلمة والمجتمع المسلم في شيء من هذه التفريعات التي لا تنشأ إلا بعد قيام الأصل الأصيل ! ومفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن يدرك وفق مقتضى الواقع . فلا يبدأ بالمعروف الفرعي والمنكرالفرعي قبل الانتهاء من المعروف الأكبر والمنكر الأكبر , كما وقع أول مرة عند نشأة المجتمع المسلم ! (والحافظون لحدود اللّه). . وهو القيام على حدود اللّه لتنفيذها في النفس وفي الناس . ومقاومة من يضيعها أو يعتدي عليها . . ولكن هذه كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , لا يقام عليها إلا في مجتمع مسلم . ولا مجتمع مسلم إلا المجتمع الذي تحكمه شريعة اللّه وحدها في أمره كله ; وإلا الذي يفرد اللّه سبحانه بالألوهية والربوبية والحاكمية والتشريع ; ويرفض حكم الطاغوت المتمثل في كل شرع لم يأذن به اللّه . . والجهد كله يجب أن ينفق ابتداء لإقامة هذا المجتمع . ومتى قام كان هناك مكان للحافظين لحدود اللّه فيه . . كما وقع كذلك أول مرة عند نشأة المجتمع المسلم ! هذه هي الجماعة المؤمنة التي عقد اللّه معها بيعته . وهذه هي صفاتها ومميزاتها توبة ترد العبد إلى اللّه , وتكفه عن الذنب , وتدفعه إلى العمل الصالح . وعبادة تصله باللّه وتجعل اللّه معبوده وغايته ووجهته . وحمد للّه على السراء والضراء نتيجة الاستسلام الكامل للّه والثقة المطلقة برحمته وعدله . وسياحة في ملكوت اللّه مع آيات اللّه الناطقة في الكون الدالة على الحكمة والحق في تصميم الخلق . وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر يتجاوز صلاح الذات إلى إصلاح العباد والحياة . وحفظ لحدود اللّه يرد عنها العادين والمضيعين , ويصونها من التهجم والانتهاك . .
هذه هي الجماعة المؤمنة التي بايعها اللّه على الجنة , واشترى منها الأنفس والأموال , لتمضي مع سنة اللّه الجارية منذ كان دين اللّه ورسله ورسالاته . قتال في سبيل اللّه لإعلاء كلمة اللّه ; وقتل لأعداء اللّه الذين يحادون الله ; أو استشهاد في المعركة التي لا تفتر بين الحق والباطل , وبين الإسلام والجاهلية , وبين الشريعة والطاغوت , وبين الهدى والضلال . وليست الحياة لهواً ولعباً . وليست الحياة أكلاً كما تأكل الأنعام ومتاعاً . وليست الحياة سلامة ذليلة , وراحة بليدة ورضى بالسلم الرخيصة . . إنما الحياة هي هذه: كفاح في سبيل الحق , وجهاد في سبيل الخير , وانتصار لإعلاء كلمة اللّه , أواستشهاد كذلك في سبيل اللّه . . ثم الجنة والرضوان . . هذه هي الحياة التي يدعى إليها المؤمنون باللّه: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم). . . وصدق اللّه . وصدق رسول اللّه . .
انتهى من الظلال. رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة. (إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء)[b] صاحب الظلال.منقول للفائدةمع أطيب تمنياتي
[/size]
| [/b][/size][/center] | |
|